هو أحمد بن علي بن عبد القادر، من نسل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
¤ مـــــولده:
اختلف في تاريخ ولادة المقريزي، فقد أشار السخاوي بأن أستاذه ابن حجر قال، ذكر المقريزي في كتابه المواعظ والإعتبار، أن ولادته كانت بعد سنة 760هـ، 1358م، ورأى آخرون أن مولده كان سنة 769هـ. ولعل ما ذكره المقريزي عن تاريخ ولادته هو الصواب، لأنه أعرف من غيره بهذا الخصوص، كما أنه قد حدد مسقط رأسه في القاهرة، وعبر عن ذلك بقوله: وكانت مصر مسقط رأسي وملعب أترابي ومجمع ناسي.
¤ أسرته ونشأته:
تنحدر أسرته إلى مدينة بعلبك، وينتسبون إلى حارة المقريز، إنتقل والده إلى القاهرة طلبا للعيش، لأن القاهرة أصبحت في تلك الفترة، مركزًا علميًا نشطاً، يؤمها جميع الناس، سواء كان طلبًا للعلم أو العمل، وبهذا الصدد قال السيوطي أصبحت: محل سكن العلماء ومحط الفضلاء.
تولى أبوه القضاء بمصر، ونشأ المقريزي نشأة علمية دينية، وكفل تعليمه جده لأمه، وهو ابن الصايغ الحنفي، الذي قام بتعليمه وتحفيظه القرآن الكريم، وتدريسه أصول المذهب الحنفي، وأرسله إلى شيوخ عصره، فبدت عليه علامة النجابة والذكاء، ثم إنكب على الدرس والتحصيل، حتى أصبح علمًا من أعلام عصره في تلك الفترة.
¤ مناصـــبه:
التحق المقريزي بالعمل في الأعمال الديوانية، بعد أن أصبح بحكم تعليمه، من أهل العلم والمعرفة، وأول عمل تقلده هو العمل بديوان الإنشاء في القلعة، وهذا العمل يقابله الآن وزارة الخارجية، وهي وظيفة لا يبلغها إلا من كان له مؤهلات عالية، من الموهبة والتفوق في اللغة، والأدب، والتاريخ، ومعرفة أحوال البلاد المجاورة لهم، ثم أضحى بعدها نائبًا من نواب الحكم، وقاضيًا عند قاضي القضاة للشافعية، وأصبح إمامًا بجامع الحاكم، وهي من الوظائف المهمة آنذاك، وإشتغل أيضًا مدرسًا لعلم الحديث في المدرسة المؤيدية، بتوصية من أستاذه عبد الرحمن ابن خلدون الذي كان له منزلة عند السلطان برقوق، وتولى الخطابة أيضًا بجامع عمرو بن العاص، والإمامة بمدرسة السلطان حسن.
إلا أن النقلة النوعية المهمة في حياته، تمثلت بتوليه وظيفة المحتسب، إذ عينه السلطان برقوق محتسبًا للقاهرة والوجه البحري، سنة 801 هـ 1398 م، وهذا العمل كان من الأعمال المهمة في ذلك الوقت، والتي من خلالها اطلع على أحوال مصر الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، والتي سطرها في كتبه، مثل الأسعار والضرائب، والإجراءات الرسمية المتخذة بشأن تلك القضايا.
وسافر مع السلطان الناصر فرج بن برقوق، في سنة 810 هـ- 1407 م، إلى دمشق ثم ما لبث أن عاد إلى القاهرة بعد مكوثه بها فترة من الزمن، وتردد بعد ذلك على دمشق مرات عديدة وتولى فيها أعمال عدة، منها النظر في الوقف القلانسي والبيمارستان النوري، وباشر أيضًا بتدريس الحديث الشريف في مدرستي الإقبالية والأشرفية بدمشق، وعرض عليها قضاؤها من قبل الناصر فرج، فرفض ذلك مرارًا، ثم عاد إلى القاهرة بعد مكوثه في دمشق عشر سنوات، وآثر التفرغ للعلم والدرس، حتى اشتهر ذكره وبعد صيته، بعد أن سئم الوظائف الحكومية.
ولكن بعد ذلك، ترك القاهرة إلى مكة لغرض الحج، ومكث هناك خمس سنوات، ظل فيها يدرس ويصنف الكتب، ثم رجع بعدها إلى القاهرة وسكن في حارته وهي حارة برجوان، التي نشأ وترعرع فيها، وأضحت داره ندوة للعلم ومقصد الطلاب والعلماء.
وفي هذه الفترة، انكب المقريزي على التأليف، وتعد هذه الفترة من أخصب فترات حياته، في إنجاز الكتب الكبيرة، مثل المواعظ والإعتبار، والسلوك لمعرفة دول الملوك، وكتاب المقفى الكبير، وغيرها من الكتب.
¤ وفـــــاته:
توفي المقريزي، وله من العمر ثمانين سنة في القاهرة، عصر يوم الخميس السادس عشر من شهر رمضان المبارك سنة 845 هـ- 1441 م، إلا أن السيوطي ذكر أنه توفي سنة 840 هـ- 1436، وهذا يخالف ما أشار إليه، لأن المعاصرين للمقريزي، اجمعوا على الرواية الأولى وهي الأوثق، ودُفن في مقبرة الصوفية البيبرسية خارج باب النصر، وقال عنه السخاوي:
ما زلت تلهج بالأموات تكتبها *** حتى رأيتك في الأموات مكتوبًا
¤ مصـــنفاته:
يعد المقريزي من المؤلفين الموسوعيين، الذين كتبوا في جميع المجالات، والذي قاربت مؤلفاته على مائتي مصنف بين كتاب ورسالة، والغالب على مصنفاته هو التاريخ، إلا أن المصادر لم تفصح إلا عن ستة وثلاثين كتابًا ورسالة، ومن هذه المصنفات:
1) المصنفات التي إهتم فيها بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل كتاب إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع، وهو مطبوع.
2) المصنفات التي إهتمت بالتاريخ العام مثل كتاب: الدرر المضيئة في تاريخ الدولة الإسلامية، وكتاب الخبر عن البشر.
3) المؤلفات التي إختصت بالتراجم مثل كتاب: المقفى الكبير، وكتاب درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة.
4) وألف المقريزي ثلاثة كتب كبيرة في تاريخ مصر السياسي، الأول كتاب عقد جواهر الأسفاط في تاريخ مدينة الفسطاط، وتناول فيه تاريخ مصر الإسلامية منذ الفتح العربي حتى بداية العصر الإسلامي، والثاني كتاب إتعاظ الحنفا بإخبار الفاطميين الخلفا، وتحدث فيه عن تاريخ مصر في العصر الفاطمي، وأورد فيه معلومات عن الحياة الإقتصادية، مثل الأسواق وحدوث المجاعات آنذاك، أما الكتاب الثالث فهو كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك، والذي أرخ فيه تاريخ مصر، منذ بداية الدولة الأيوبية إلى قبيل وفاته سنة 845 هـ/1441 م. وغيرها من كتب التصنيف المختلفة.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.